اسبانيا وألمانيا في نهائي اليورو 2008

خلال الايام الاربعة والعشرين التي قضيتها متنقلا ما بين سويسرا والنمسا، لا اتذكر انني قد اتفقت مع زملائي الذين اجتمع معهم تقريبا بشكل يومي، او هم شاركوني الرأي في النقاط التي نتناقش فيها، وهذا كان واضحا لك عزيزي القارئ اذا كان لي الشرف بأنك قرات المواضيع التي كنت ابعثها من هنا.

يوم امس كانت هناك دعوة من احد الاصدقاء الصحافيين لمجموعة من الزملاء في المطعم الصيني الوحيد الموجود بالمجمع التجاري المرفق باستاد ارنست هابل الذي سيحتضن اللقاء النهائي اليوم، وكان من بين الحضور بالتاكيد اثنان من الالمان وزميل آخر اسباني، بينما اختلفت جنسيات الاربعة الآخرين. وبعد ما تناولنا بعض سلبيات وايجابيات البطولة من وجهة نظر مختلفة، طرح السؤال الذي لم اتوقع ان نجلس لساعة ونصف الساعة تقريبا نتجادل في الاجابة عليه وهو (هل نهائي يورو 2008 هو النهائي الحلم)؟
لا اعرف اذا كان هذا السؤال قد تبادر الى ذهنك انت ايضا أم لا، ولكن لو سألت نفسك الآن يا ترى ما ذا ستكون الاجابة؟؟

دعني انقل لك ما دار من حوار حول هذا الموضوع، صاحب هذا السوال هو زميلنا الصحافي في جريدة كوريير النمساوية ـ وهي على فكرة واحدة من اشهر الصحف هنا في النمسا ـبالنسبة له لا يعتقد بانه النهائي المنتظر، فهو واغلب النمساوييين من وجهة نظرهم كانوا يتمنون المباراة بين ايطاليا وفرنسا حتى يكون تكرارا لنهائي العالم، لكنه ابدى سعادته لوصول الالمان الى النهائي نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربط النمساويين مع الالمان، اما الزميلان الالمانيان فاتفقا بدون نقاش على انه بالفعل نهائي منتظر ومستحق لان الفريقين حسب نظرتهما قدما ما يشفع لهما في الوصول لنهائي يورو 2008، وللتذكير فالالمانيان يعملان في قناة (زد د اف) الشهيرة، وعندما سمع زميلنا الاسباني الجنسية وهو يعمل في صحيفة برتغالية متخصصة بكرة القدم بان المانيا استحقت الوصول للنهائي ثارت ثائرته فقال لولا وقوف الاتحاد الاوروبي معكم لما وصلتم للنهائي فهل يعقل منتخب نصف لاعبيه ما بين موقوف ومطرود ولا يحصل على تخفيف من (اليويفا) وهو لا يقارن باسماء لاعبيكم او دوريهم لا يقارن بدوريكم، وتفوزون عليه بثلاثة اهداف لهدفين!!! انا ـ والحديث لا يزال للصحافي الاسباني الجنسية ـ ارى بان النهائي كان يجب ان يكون بين تركيا واسبانيا..

الزميل الرابع جاء من اقصى اسيا وبالتحديد من ماليزيا، لا يريد ان يشعر بالاحراج من باقي الزملاء فوقف محايدا وقال جملته الشهيرة، هل تعتقدون ان من وصل للنهائي لا يستحق؟؟؟ فكيف اذا تاهل لمباراة اليوم؟؟؟ الاثنان اثبتا بانهما كبارا، ولا يوجد كلام اخر، البقية التي كانت موجودة معنا على نفس الطاولة، هم جاءوا بدعوة من شركة كوكا كولا احدى الرعاة الرسميين لهذه البطولة، امتنعوا عن الادلاء برأيهم واكتفوا بسماع الحديث على حد قولهم.. اذا الاختلاف كان موجودا في هذا الموضوع، بعد الساعة ونصف الساعة انتقلنا لموضوع آخر وهو الاهم من وجهة نظري، من سيفوز باللقاء؟؟

طلبت من الزملاء الحديث بدون تدخل العاطفة حتى نخرج بنتيجة ايجابية، فبدأ الزميل النمساوي بصفته محايدا، فهو يرى بان الافضل حتى الآن هم الاسبان فالفريق قدم كرة جميلة، ويملك حارس مرمى بامكانه ايصال فريقه الى المنصة وحمل اللقب، وفنيا ايضا الماتادور قدم لنا كجماهير ما يقنع، فالاستقرار موجود، ولا ننسى ان خط الهجوم سواء شارك فيا او لم يشارك، لن يتاثر من وجهة نظري بغيابه، فهو لا يرحم، خاصة وان خط دفاع الالمان اثبت في المباريات السابقة بانه من السهل اختراقه، ناهيك عن وجود حارس مرمى كثير الاخطاء. اعتقد ومع احترامي للالمان بأن الثور الاسباني سيفوز بالمباراة. الالمانيان بالطبع لم يعجبهما رد زميلنا الاسباني، فتحدث باسم الاثنين الاكثر سنوات عمل في القناة الالمانية: قد تكون هناك سلبيات بالفريق كما تفضل زميلنا لكن هناك ايجابيات، فالمانشفت لا يعتمد على لاعب واحد وهذه واحدة من افضل الحسنات بفريقنا، ولو تابعت المباراة الاخيرة لنا للاحظت ان بالاك لم يكن موجودا بالملعب، لكن ظهرت اسماء اخرى، وحتى في المباراة ما قبل الماضية نفس الشيء، واذا كان خط هجوم الاسبان لا يرحم كما يقول صديقي، فنحن ايضا لدينا اسلحة هجومية فتاكة، بل وبامكاننا التسجيل من اي مكان ومن خلال اي لاعب، اما بخصوص حارس المرمى ليمان، فهو صحيح قد يخطئ، لكن لا تنس انه بامكانه ايضا ان يكون في يوم سعده، ويصبح بطلا في هذه المباراة، هؤلاء هم الالمان يا شريكي.

واخيرا جاء دور زميلنا الماليزي، فهو واصل حديثه بواقعية ومنطقية، وبدأ بتوجيه نقده لزميلنا الاسباني، اين هي سلبيات فريقكم؟؟ هل لانك اسباني لا تريد ان تذكرها؟؟ انا اقولها لك، انتم تملكون مدربا لا يعرف قراءة المباراة، طبعا ستغضب مني، ولكن هذا رأيي، السيد اراغونيس، لم اشاهد له تغييرا احسسني بانه يعرف ماذا يفعل (انا في داخلي اختلفت معه في هذه النقطة، لانني تذكرت اكثر من مباراة اجرى السيد اراغونيس تغييرات فيها وتغيرت النتيجة، على سبيل المثال مباراة السويد، ومباراة اليونان؟؟ لكنني لم افضل الدخول عليه وقطع حديثه) ويضيف زميلنا الماليزي، والدليل على كلامي عندما خرج فيا اشرك فابريغاس.وجعل ستة لاعبين بالنص!! ولا اعرف ما هي الحكمة في ذلك؟؟ايضا لا اعرف لماذا الاصرار على وجود توريس كأساسي؟؟ فهل هو خائف منه؟؟!!
اما الالمان، فنظرتي تقول بان خط دفاعهم مهلهل، وبسهولة يتمكن اي مهاجم من ان يخترقه، وارى ايضا ان حارس مرماهم حتى لو كان اليوم يومه فانه لا بد ان يرتكب خطأ ولو واحدا على الاقل في كل مباراة.

لا يختلف محللو الكرة المستديرة على تصنيف الاسباني سيسك فابريغاس بين افضل لاعبي العالم في الموسم المنصرم الى جانب البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي كاكا، لكنهم يجتمعون في الوقت ذاته على اعتبار ان الاسباني عاش نهاية موسم مخيبة للآمال مع فريقه ارسنال الانكليزي.
لقد برهن »امير التمرير« انه احد المواهب الصارخة بين لاعبي الوسط في العالم، فقاد »المدفعجية« الى تصدر الدوري الانكليزي لمراحل عدة قبل ان يفقد توازنه البدني نظرا للاصابات البليغة التي وقع في نحسها لاعبو ارسنال مثل الهولندي روبن فان بيرسي والكرواتي ادواردو دا سيلفا وخصوصا زميله في خط الوسط التشيكي توماس روزيتسكي الذي خلف غيابه عبئا كبيرا على الاسباني الشاب.

ضعف اللياقة

تدهورت لياقة فابريغاس، فتأثر مستواه ما انعكس سلبا على ارسنال فخسر لقب الدوري لا بل تراجع الى المركز الثالث، فتحولت اقدام مارد الوسط الى اقدام فخارية عشية انطلاق كأس اوروبا .2008 وضع فابريغاس مدربه لويس اراغونيس في موقف حرج، فاسبانيا الباحثة الابدية عن الالقاب بحاجة لرأس مدبر في خط الوسط خلف المهاجمين القاتلين فرناندو توريس ودافيد فيا، لكن قرار »الحذاء الكبير« (اراغونيس) كان عميقا وعظيما وغريبا في آن، فبعد تخليه عن راوول غونزاليس، وضع فابريغاس على مقاعد البدلاء.
لًمَ لا وخط وسط ال»فوريا روخا« يعج بالنجوم مثل خافي واينييستا ودافيد سيلفا وماركوس سينا، فلعب دهاء اراغونيس دوره مبقيا سيسك على مقاعد البدلاء، ومشركا اياه في الشوط الثاني كي يحافظ على ايقاع المناسبة الكبيرة.

الفورة الروسية

لكن ما حصل في المباراة الاخيرة امام روسيا لم يكن في الحسبان، فأدت اصابة المهاجم دافيد فيا الى اشراك فابريغاس في نهاية الشوط الاول، ليدخل الاسبان في الثاني بوجه مختلف، وباداء صارخ من الامير الصغير.
لقد حول فابريغاس حياة الروس في وسط الملعب الى جحيم، وأثمرت تمريراته القاتلة الهدفين الاخيرين من أصل ثلاثة، فكان ضابط الايقاع امام منطقة الحارس اكينفييف، ليصرح بعد اللقاء انه سيشاهد المباراة على الفيديو ليعرف ما اذا كان افضل لقاء في مسيرته.
من جهة أخرى يسعى قائد منتخب المانيا ميكايل بالاك للخروج فائزا في نهائي كأس اوروبا 2008 اليوم امام اسبانيا كي يضرب عصفورين في حجر واحد، الاول لمساعدة بلاده في احراز لقبها القاري الرابع والثاني لانهاء شبح الخسارة الذي يلاحقه في المباريات النهائية.
انه اللاعب الالماني الاشهر في العالم، الاكثر دخلا وطلبا من الشركات المعلنة، لكنه لم يتمكن من تحقيق اي لقب كبير حتى الآن.
يعرف بالاك (31 عاما) انه بامس الحاجة لميدالية ذهبية كي يلحق بعمالقة الكرة الالمانية فرانتس بكنباور ولوثار ماتيوس ويورغن كلينسمان.
في سيرة بالاك الذاتية، تظهر اربعة القاب في الدوري الالماني وثلاثة في مسابقة الكأس، وتسع مرات المركز الثاني كانت اربع منها في عام 2002!

مركز الوصيف

احرز بالاك مركز الوصيف مع المانيا في مونديال 2002 جراء الخسارة في النهائي (صفرـ2) امام البرازيل، وهو شاهد تلك المباراة من المدرجات لايقافه حل بالاك ثانيا مع فريقه باير ليفركوزن في دوري ابطال اوروبا 2002 ومع تشلسي الانكليزي عام 2008، بدون ان ننسى ثلاثة مراكز للوصيف في الدوري الالماني، ومرتين في الدوري الانكليزي، بالاضافة الى هزيمة واحدة في نهائي كأس المانيا.
تراكم الخيبات لا يزعج كثيرا اللاعب المولود في المانيا الشرقية، فهو يعيش اجمل ايام حياته في ارقى احياء العاصمة الانكليزية لندن.
وبعد الخسارة الاخيرة في دوري ابطال اوروبا مع ناديه تشلسي الانكليزي امام مواطنه مانشستر يونايتد في مايو الماضي، قال بالاك: »لا يقلقني الامر كثيرا، لانني احرزت القابا عدة...احب ان احرز القابا رنانة لكن الموضوع لا يشغل رأسي«.
يؤكد بالاك الذي قدم بطولة عادية حتى الان، انه اكثر استرخاء من مونديال 2006، وهو يستعد لخوض مباراته الدولية الـ44 بمعنويات مرتفعة.
ويقول المدرب يواكيم لوف عن لاعب كايزرسلاوترن وليفركوزن وبايرن ميونيخ السابق: »انه محادث جيد للمجموعة، ويعرف كيف يشجع رفاقه على ارض الملعب، ولا يتردد في تحمل مسؤولياته كقائد في حال لم تجر الامور كما يجب«.

الموضوع مغبر و اسف على قفل الموضوع